السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
ذكر الخليل ابن أحمد الفراهيدي في كتابه "الجمل في النحو" واحدا وخمسين وجها للنصب
ففي مقدّمة كتابه قال : "هذا كتاب فيه جملة الإعراب إذ كان جميع النحو في الرفع والنصب والجر والجزم " ثم قال :
وإنما بدأنا بالنصب لأنه أكثر الإعراب طرقا ووجوها"
ثمّ قال تحت عنوان : وجوه النصب "
" وجوه النصب
فالنصب أحد وخمسون وجها نصب من مفعول به ونصب من مصدر ونصب من قطع ونصب من حال ونصب من ظرف ونصب ب إن وأخواتها ونصب بخبر كان وأخواتها ونصب من التفسير ونصب من التمييز ونصب بالاستثناء ونصب بالنفي ونصب ب حتى وأخواتها ونصب بالجواب بالفاء ونصب بالتعجب ونصب فاعله مفعول ومفعوله فاعل ونصب من نداء نكرة موصوفة ونصب بالإغراء ونصب بالتحذير ونصب من اسم بمنزلة اسمين ونصب بخبر ما بال وأخواتها ونصب من مصدر في موضع فعل ونصب بالأمر ونصب بالمدح ونصب بالذم ونصب بالترحم ونصب بالاختصاص ونصب بالصرف ونصب ب ساء ونعم وبئس وأخواتها ونصب من خلاف المضاف ونصب على الموضع لا على الاسم ونصب من نعت النكرة تقدم على الاسم ونصب من النداء المضاف ونصب على الاستغناء وتمام الكلام ونصب على النداء في الاسم المفرد المجهول ونصب على البنية ونصب بالدعاء ونصب بالاستفهام ونصب بخبر كفى مع الباء ونصب بالمواجهة وتقدم الاسم ونصب على فقدان الخافض ونصب ب كم إذا كان استفهاما ونصب يحمل على المعنى ونصب بالبدل ونصب بالمشاركة ونصب بالقسم ونصب بإضمار كان ونصب بالترائي ونصب بوحده ونصب بالتحثيث ونصب من فعل دائم بين صفتين ونصب من المصادر التي جعلوها بدلا من اللفظ الداخل على الخبر والاستفهام "
ففي هذه النافذة سنلقي الضوء على هذه الوجوه من وجهة نظر الخليل مع بعض التعليق إن احتاج الأمر
- " قال الخليل :
فالنصب من مفعول به
قولك أكرمت زيدا وأعطيت محمدا
وقد يضمرون في الفعل الهاء فيرفعون المفعول به كقولك زيد ضربت وعمرو شتمت على معنى ضربته وشتمته فيرفع زيد بالابتداء ويوقع الفعل على المضمر كما قال الشاعر
( وخالد يحمد أصحابه ... بالحق لا يحمد بالباطل )
يعنى يحمده أصحابه
وقال آخر
( أبحت حمى تهامة بعد نجد ... وما شيء حميت بمستباح )
يعني حميته وقال آخر
( ثلاث كلهن قتلت عمدا ... فأخزى الله رابعة تعود )
يعني قتلتهن
وقال آخر
( فيوم علينا ويوم لنا ... ويوم نساء ويوم نسر ) يعني نساء فيه ونسر فيه ومنه قول الله جل اسمه في البقرة ( منهم من كلم الله ) أي كلمه الله "
أقول :
الأصل في المفعول به أن يتأخّر عن عامله وهو الفعل في مثل :
ضربت زيدا
ولكن قد يتقدّم المفعول به على الفعل في مثل :
زيدا ضربت
وقد ينتصب زيدا على الاشتغال فيكون معمولا لفعل محذوف يفسّره الفعل المذكور على أن يقترن بالفعل المذكور ضمير يعود على المشغول عنه , في موضع النصب بالفعل المذكور مثل :
زيدا ضربته
ويجوز رفع المشغول عنه فيكون في موضع الابتداء في مثل :
زيد ضربته
ويضيف الخليل هنا أنّه يجوز رفع المشغول عنه , وإضمار محذوف منتصب بالفعل المذكور في مثل :
زيدٌ ضربتُ
وأنت تقصد : زيد ضربته
والمضمر يعود على المشغول عنه
والله أعلم
يقول صاحب الكتاب :
"والنصب من مصدر
كقولك خرجت خروجا وأرسلت رسولا وإرسالا
قال الشاعر
( ألا ليت شعري هل إلى أم معمر ... سبيل فأما الصبر عنها فلا صبرا )
لآخر
( أما القتال فلا أراك مقاتلا ... ولئن هربت ليعرفن الأبلق )
نصب القتال والصبر على المصدر
وقد يجعلون الاسم منه في موضع مصدر فيقولون أما صديقا مصافيا فليس بصديق وأما عالما فليس بعالم
معناه أما كونه عالما فليس بعالم "
"والنصب من قطع
مثل قولك هذا الرجل واقفا أنا ذا عالما
قال الله جل ذكره ( وهذا صراط ربك مستقيما )
ومثله ( فتلك بيوتهم خاوية ) على القطع
ومثله ( هذا بعلي شيخا ) على القطع وكذلك ( وله الدين واصبا )
وكذلك ( وهو الحق مصدقا )
معناه وله الدين الواصب وهو الحق المصدق
وكذلك ( تساقط عليك رطبا جنيا ) معناه تساقط عليك الرطب الجني
فلما أسقط الألف واللام نصب على قطع الألف واللام
وقال جرير
( هذا ابن عمي في دمشق خليفة ... لو شئت ساقكم الي قطينا )
نصب خليفة على القطع من المعرفة من الألف واللام
ولو رفع على معنى هذا ابن عمي هذا خليفة لجاز
وعلى هذا المعنى يقرأ من يقرأ ( وإن هذه أمتكم أمة واحدة )
فإن جعل هذا اسما وابن عمي صفته وخليفة خبره جاز الرفع
ومثل هذا قول الرفع
( من يك ذا بت فهذا بتي ... مقيظ مضيف مشتي )
( أعددته من نعجات ست ... سود جعاد من نعاج الدشت )
( من غزل أمي ونسيج بنتي ... )
رفع كله على معنى هذا بتي هذا مقيظ هذا مصيف هذا مشتي
وأما قول الشاعر النابغة
( توهمت آيات لها فعرفتها ... لستة أعوام وذا العام سابع )
فرفع العام بالابتداء وسابع خبره
وقال أيضا
( فبت كأني ساورتني ضئيلة ... من الرقش في أنيابها السم ناقع )
فرفع السم بالابتداء وناقع خبره
وأما قوله الله تبارك وتعالى في ق ( هذا ما لدي عتيد ) رفع عتيدا لأنه خبر نكرة كما تقول هذا شيء عتيد عندي"
أقول :
قول صاحب الكتاب :
" فلما أسقط الألف واللام نصب على قطع الألف واللام "
يدل على أنّه كوفيّ المذهب , وربّما يؤيّد هذا وجهة نظر من يقول بخطأ نسبة الكتاب للفراهيدي
والله أعلم
- النصب من حال
قال صاحب الكتاب :
"والنصب من الحال
قولهم أنت جالسا أحسن منك قائما أي في حال جلوسه أحسن منه في حال قيامه
قال الشاعر
( لعمري إني ورادا بعد سبعة ... لأعشى وإني صادرا لبصير )
أي في حال ورودي أعشى وحال صدري بصير
وإنما صار الحال نصبا لأن الفعل يقع فيه
تقول قدمت راكبا وانطلقت ماشيا وتكلمت قائما
وليس بمفعول في مثل قولك لبست الثوب لأن الثوب ليس بحال وقع فيه الفعل
والقيام حال وقع فيه الفعل فانتصب كانتصاب الظرف حين وقع فيه الفعل
ولو كان الحال مفعولا كالثوب لم يجز أن يعدى الانطلاق إليه لأن الانطلاق انفعال والانفعال لا يتعدى أبدا لأنك لا تقول انطلقت الرجل
والحال لا يكون إلا نكرة
والحال في المعرفة والنكرة بحالة واحدة
تقول قدم علي صاحب لي راجلا
ومنه قول الله عز و جل ( قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا ) نصب على الحال"
أقول
الحال هنا ما دلّ على هيئة ذات أو شيء عند وقوع الفعل
والحال له أحكامه المبسوطة في كتب النحو , أشار صاحب الكتاب إلى بعضها منها :
أن عامل الحال فعل , وذلك قوله:
" وإنما صار الحال نصبا لأن الفعل يقع فيه "
وأمّا قوله :
" وليس بمفعول في مثل قولك لبست الثوب لأن الثوب ليس بحال وقع فيه الفعل"
أظنّ أنّه يقصد الحال , وليس المفعول به , وإنّما سماه مفعولا هنا لأنّه مثل المفعول وقع عليه الفعل
وقوله : "
ومن أحكام الحال التي ذكرها صاحب الكتاب : "والحال لا يكون إلا نكرة"
أما عن صاحب الحال فأجاز أن يكون معرفة ونكرة كذلك " وهو قوله :
" والحال في المعرفة والنكرة بحالة واحدة
تقول قدم علي صاحب لي راجلا
ومنه قول الله عز و جل ( قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا ) نصب على الحال"
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
ذكر الخليل ابن أحمد الفراهيدي في كتابه "الجمل في النحو" واحدا وخمسين وجها للنصب
ففي مقدّمة كتابه قال : "هذا كتاب فيه جملة الإعراب إذ كان جميع النحو في الرفع والنصب والجر والجزم " ثم قال :
وإنما بدأنا بالنصب لأنه أكثر الإعراب طرقا ووجوها"
ثمّ قال تحت عنوان : وجوه النصب "
" وجوه النصب
فالنصب أحد وخمسون وجها نصب من مفعول به ونصب من مصدر ونصب من قطع ونصب من حال ونصب من ظرف ونصب ب إن وأخواتها ونصب بخبر كان وأخواتها ونصب من التفسير ونصب من التمييز ونصب بالاستثناء ونصب بالنفي ونصب ب حتى وأخواتها ونصب بالجواب بالفاء ونصب بالتعجب ونصب فاعله مفعول ومفعوله فاعل ونصب من نداء نكرة موصوفة ونصب بالإغراء ونصب بالتحذير ونصب من اسم بمنزلة اسمين ونصب بخبر ما بال وأخواتها ونصب من مصدر في موضع فعل ونصب بالأمر ونصب بالمدح ونصب بالذم ونصب بالترحم ونصب بالاختصاص ونصب بالصرف ونصب ب ساء ونعم وبئس وأخواتها ونصب من خلاف المضاف ونصب على الموضع لا على الاسم ونصب من نعت النكرة تقدم على الاسم ونصب من النداء المضاف ونصب على الاستغناء وتمام الكلام ونصب على النداء في الاسم المفرد المجهول ونصب على البنية ونصب بالدعاء ونصب بالاستفهام ونصب بخبر كفى مع الباء ونصب بالمواجهة وتقدم الاسم ونصب على فقدان الخافض ونصب ب كم إذا كان استفهاما ونصب يحمل على المعنى ونصب بالبدل ونصب بالمشاركة ونصب بالقسم ونصب بإضمار كان ونصب بالترائي ونصب بوحده ونصب بالتحثيث ونصب من فعل دائم بين صفتين ونصب من المصادر التي جعلوها بدلا من اللفظ الداخل على الخبر والاستفهام "
ففي هذه النافذة سنلقي الضوء على هذه الوجوه من وجهة نظر الخليل مع بعض التعليق إن احتاج الأمر
- " قال الخليل :
فالنصب من مفعول به
قولك أكرمت زيدا وأعطيت محمدا
وقد يضمرون في الفعل الهاء فيرفعون المفعول به كقولك زيد ضربت وعمرو شتمت على معنى ضربته وشتمته فيرفع زيد بالابتداء ويوقع الفعل على المضمر كما قال الشاعر
( وخالد يحمد أصحابه ... بالحق لا يحمد بالباطل )
يعنى يحمده أصحابه
وقال آخر
( أبحت حمى تهامة بعد نجد ... وما شيء حميت بمستباح )
يعني حميته وقال آخر
( ثلاث كلهن قتلت عمدا ... فأخزى الله رابعة تعود )
يعني قتلتهن
وقال آخر
( فيوم علينا ويوم لنا ... ويوم نساء ويوم نسر ) يعني نساء فيه ونسر فيه ومنه قول الله جل اسمه في البقرة ( منهم من كلم الله ) أي كلمه الله "
أقول :
الأصل في المفعول به أن يتأخّر عن عامله وهو الفعل في مثل :
ضربت زيدا
ولكن قد يتقدّم المفعول به على الفعل في مثل :
زيدا ضربت
وقد ينتصب زيدا على الاشتغال فيكون معمولا لفعل محذوف يفسّره الفعل المذكور على أن يقترن بالفعل المذكور ضمير يعود على المشغول عنه , في موضع النصب بالفعل المذكور مثل :
زيدا ضربته
ويجوز رفع المشغول عنه فيكون في موضع الابتداء في مثل :
زيد ضربته
ويضيف الخليل هنا أنّه يجوز رفع المشغول عنه , وإضمار محذوف منتصب بالفعل المذكور في مثل :
زيدٌ ضربتُ
وأنت تقصد : زيد ضربته
والمضمر يعود على المشغول عنه
والله أعلم
يقول صاحب الكتاب :
"والنصب من مصدر
كقولك خرجت خروجا وأرسلت رسولا وإرسالا
قال الشاعر
( ألا ليت شعري هل إلى أم معمر ... سبيل فأما الصبر عنها فلا صبرا )
لآخر
( أما القتال فلا أراك مقاتلا ... ولئن هربت ليعرفن الأبلق )
نصب القتال والصبر على المصدر
وقد يجعلون الاسم منه في موضع مصدر فيقولون أما صديقا مصافيا فليس بصديق وأما عالما فليس بعالم
معناه أما كونه عالما فليس بعالم "
"والنصب من قطع
مثل قولك هذا الرجل واقفا أنا ذا عالما
قال الله جل ذكره ( وهذا صراط ربك مستقيما )
ومثله ( فتلك بيوتهم خاوية ) على القطع
ومثله ( هذا بعلي شيخا ) على القطع وكذلك ( وله الدين واصبا )
وكذلك ( وهو الحق مصدقا )
معناه وله الدين الواصب وهو الحق المصدق
وكذلك ( تساقط عليك رطبا جنيا ) معناه تساقط عليك الرطب الجني
فلما أسقط الألف واللام نصب على قطع الألف واللام
وقال جرير
( هذا ابن عمي في دمشق خليفة ... لو شئت ساقكم الي قطينا )
نصب خليفة على القطع من المعرفة من الألف واللام
ولو رفع على معنى هذا ابن عمي هذا خليفة لجاز
وعلى هذا المعنى يقرأ من يقرأ ( وإن هذه أمتكم أمة واحدة )
فإن جعل هذا اسما وابن عمي صفته وخليفة خبره جاز الرفع
ومثل هذا قول الرفع
( من يك ذا بت فهذا بتي ... مقيظ مضيف مشتي )
( أعددته من نعجات ست ... سود جعاد من نعاج الدشت )
( من غزل أمي ونسيج بنتي ... )
رفع كله على معنى هذا بتي هذا مقيظ هذا مصيف هذا مشتي
وأما قول الشاعر النابغة
( توهمت آيات لها فعرفتها ... لستة أعوام وذا العام سابع )
فرفع العام بالابتداء وسابع خبره
وقال أيضا
( فبت كأني ساورتني ضئيلة ... من الرقش في أنيابها السم ناقع )
فرفع السم بالابتداء وناقع خبره
وأما قوله الله تبارك وتعالى في ق ( هذا ما لدي عتيد ) رفع عتيدا لأنه خبر نكرة كما تقول هذا شيء عتيد عندي"
أقول :
قول صاحب الكتاب :
" فلما أسقط الألف واللام نصب على قطع الألف واللام "
يدل على أنّه كوفيّ المذهب , وربّما يؤيّد هذا وجهة نظر من يقول بخطأ نسبة الكتاب للفراهيدي
والله أعلم
- النصب من حال
قال صاحب الكتاب :
"والنصب من الحال
قولهم أنت جالسا أحسن منك قائما أي في حال جلوسه أحسن منه في حال قيامه
قال الشاعر
( لعمري إني ورادا بعد سبعة ... لأعشى وإني صادرا لبصير )
أي في حال ورودي أعشى وحال صدري بصير
وإنما صار الحال نصبا لأن الفعل يقع فيه
تقول قدمت راكبا وانطلقت ماشيا وتكلمت قائما
وليس بمفعول في مثل قولك لبست الثوب لأن الثوب ليس بحال وقع فيه الفعل
والقيام حال وقع فيه الفعل فانتصب كانتصاب الظرف حين وقع فيه الفعل
ولو كان الحال مفعولا كالثوب لم يجز أن يعدى الانطلاق إليه لأن الانطلاق انفعال والانفعال لا يتعدى أبدا لأنك لا تقول انطلقت الرجل
والحال لا يكون إلا نكرة
والحال في المعرفة والنكرة بحالة واحدة
تقول قدم علي صاحب لي راجلا
ومنه قول الله عز و جل ( قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا ) نصب على الحال"
أقول
الحال هنا ما دلّ على هيئة ذات أو شيء عند وقوع الفعل
والحال له أحكامه المبسوطة في كتب النحو , أشار صاحب الكتاب إلى بعضها منها :
أن عامل الحال فعل , وذلك قوله:
" وإنما صار الحال نصبا لأن الفعل يقع فيه "
وأمّا قوله :
" وليس بمفعول في مثل قولك لبست الثوب لأن الثوب ليس بحال وقع فيه الفعل"
أظنّ أنّه يقصد الحال , وليس المفعول به , وإنّما سماه مفعولا هنا لأنّه مثل المفعول وقع عليه الفعل
وقوله : "
ومن أحكام الحال التي ذكرها صاحب الكتاب : "والحال لا يكون إلا نكرة"
أما عن صاحب الحال فأجاز أن يكون معرفة ونكرة كذلك " وهو قوله :
" والحال في المعرفة والنكرة بحالة واحدة
تقول قدم علي صاحب لي راجلا
ومنه قول الله عز و جل ( قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا ) نصب على الحال"